recent
موضوعات تهمك

اعلان

السيرة النبوية .. اقتراح غريب من قريش ورد طريف من أبي طالب

الصفحة الرئيسية

السيرة النبوية ..  اقتراح غريب من قريش ورد طريف من أبي طالب
السيرة النبوية ..  اقتراح غريب من قريش ورد طريف من أبي طالب


 اقتراح غريب من قريش ورد طريف من أبي طالب :

 

ورأت قريش أن إنذارهم لم يجد نفعاً ، فالرسول صلى الله عليه وسلم ماض في عمله ، وأبو طالب قائم بنصرته ، وهذا يعني أنه مستعد لفراقهم وعداوتهم ومنازلتهم في نصرة ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم فلبثوا ملياً يفكرون ويتشاورون ، حتى وصلوا إلى اقتراح غريب ، فقد جاءوا إلى أبي طالب ومعهم عمارة بن الوليد سيد شبابهم وأنهد فتى في قريش وأجمله ، فقالوا : يا أبا طالب خذ هذا الفتى ، فلك عقله ونصره واتخذه ولداً ، فهو لك وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك ، وفرق جماعة قومك وسفه أحلامهم فنقتله ، فإنما هو رجل برجل . قال أبو طالب : والله لبئس ما تسومونني ، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم ، وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ هذا والله ما لا يكون أبداً .

 

اعتداءات على رسول الله صلى الله عليه وسلم :

ولما فشلت قريش ويئسوا ، ورأوا أن الإنذار والتحدي والمساومة لم تجد نفعاً ، بدأوا بالإعتداءات على ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم وزادوا في تعذيب المسلمين والتنكيل بهم .


 وحيث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معززاً محتشماً محترماً ، فقد تولى إيذاءه كبراء قريش ورؤساؤهم ، ولم يجترئ على ذلك أدنابهم وعامتهم .


وكان النفر الذين يؤذونه في بيته أبا لهب ، والحكم بن أبي العاص بن أمية ، وعقبة بن أبي معيط ، وعدي بن حمراء الثقفي ، وابن الأصداء الهذلي – وكانوا جيرانه صلى الله عليه وسلم فكان أحدهم يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلي ، وكان يطرحها في برمته إدا نصبت ، وكانوا إذا طرحوا عليه ذلك يخرج به على العود فيقف به على بابه ويقول : يا بني عبد مناف ! أي جوار هذا ؟! ثم يلقيه في الطريق . وكان أمية بن خلف إذا رآه همزه ولمزه . والهمز : الطعن والشتم علانية ، أو كسر العينين والغمز بهما ، واللمز العيب والإغراء .


وكان أخوه أبي بن خلف يتوعد النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يا محمد إن عندي العود ، فرساً أعلفه كل يوم فرقاً من ذرة أقتلك عليه ، حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أنا أقتلك إن شاء الله وقد قتله يوم أحد وجاء أبي بن خلف هذا يوماً بعظم بال رميم ، ففته ، ونفخه في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وجلس عقبة بن أبي معيط إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه ، فبلغ أبياً – وكان صديقه – فعاتبه ، وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل .


أما أبو لهب فقد عاداه وآذاه من أول يوم ظهرت فيه الدعوة إلى الله ، وكانت في عقد ابنيه عتبة وعتيبة ابنتا رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم ، فقال لهما : رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا بنتي محمد ، وقالت زوجته أيضاً : طلقاهما فإنهما قد صبأتا فطلقاهما .


وكانت زوجته هذه – وهي أم جميل أروى بنت حرب – أيضاً عدوة لدودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته ، فكانت تأتي بالأغصان وفيها الشوك ، فتطرحها في سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ، حتى يعقرهو وأصحابه .


وسمعت بنـزول ( تبت يدا أبي لهب )فجاءت وفي يدها فهر – أي ملء الكف من الحجارة  وهي تبحث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أبي بكر عند الكعبة فأخذ الله ببصرها ، فلم تكن ترى إلا أبا بكر ، فقالت : أين صاحبك ؟ قد بلغني أنه يهجوني ، والله لو وجدته لضربت بهدا الفهر فاه ، أما والله إني شاعرة ثم قالت :


مذمماً عصينا          وأمره أبينا          ودينه قلينا


ثم انصرفت ، فقال أبو بكر : يارسول الله أما تراها رأتك ، فقال : ما رأتني لقد أخذ الله ببصرها .

وكان مما تؤذي به قريش أنهم كانوا يسمون رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمماً بدل محمد ، يشتمون بذلك ويسبون ، ولكن صرف الله ذلك عنه ، حيث إنهم كانوا يشتمون مذمماوليس محمد .

وكان الأخنس بن شريق الثقفي أيضاً ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أما أبو جهل فكان  قد تحمل عبء الصد عن سبيل الله ، وقد كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ، وينهاه عن الصلاة ،ويفخر ويختال بما فعل ، حتى شدد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوعده في يوم رآه يصلي ، فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه بخناقه وهزه وقال : ( أولى لك فاولى ، ثم أولى لك فأولى ) فقال أتوعدني يا محمد ! والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاً وإني لأعز من مشى بين جبليها .


وقال لرفقته يوماً : يعفر محمد وجهه بين أيديكم ؟ قالوا : نعم ، فقال : واللات والعزى لئن رأيته لأطأن على رقبته ، ولأعفرن وجهه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ رقبته فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي بيديه ، فقالوا مالك يا أبا الحكم ؟ إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً وأجنحة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً .


وحاز مثل هده الشقاوة عقبة بن أبي معيط ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوماً عند البيت ، وأبو جهل وأصحاب له جلوس ، إذ قال بعضهم لبعض : أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان ، فيضعه على ظهر محمد إذا سجد ، فانبعث أشقى القوم عقبة بن أبي معيط ، فجاء به وانتظر ، فلما سجد وضعه بين كتفيه ، فجعلوا يضحكون ، ويحيل ( أي يميل ) بعضهم على بعض ، وهو ساجد لا يرفع رأسه ، حتى جاءته فاطمة وطرحته عن ظهره ، فرفع رأسه ، ثم قال : اللهم عليك بقريش ) فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم ، وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة ، ثم سماهم رجلاً رجلاً : ( اللهم عليك بفلان وفلان ) وقد قتلوا كلهم يوم بدر . وكان عظماء المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة : الوليد بن المغيرة المخزومي ، والأسود بن عبد يغوث الزهري ، وأبو زمعة الأسود بن عبد المطلب الأسدي ، والحارث بن قيس الخزاعي ، والعاص بن وائل السهمي ،وقد أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أنه سيكفي شرهم فقال : ( إنا كفيناك المستهزئين ) ثم أنزل على كل منهم ما فيه عبرة وعظة .


فأما الوليد فكان قد أصابه قبل سنين خدش من سهم ، ولم يكن شيئاً، فأشار جبريل إلى أثر ذلك الخدش فانتفض ، ، فلم يزل يؤلمه ويؤذيه حتى مات بعد سنين .

وأما الأسود بن عبد يغوث فأشار جبريل إلى رأسه فخرج فيه قروح ، فمات منها ، وقيل أصابه سموم ، وقيل : أشار جبريل إلى بطنه ، فاستسقى بطنه ، وانتفخ حتى مات .


وأما الأسود بن عبد المطلب فلما تضايق رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاه دعا عليه وقال : ( اللهم أعم بصره وأثكله ولده ) فرماه جبريل بشوك في وجهه حتى ذهب بصره ، ورمى ولده زمعة حتى مات .

وأما الحارث بن قيس ، فأخذه الماء الأصفر في بطنه ، حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه .

وأما العاص بن وائل ، فجلس على شبرقة فدخلت شوكة لها من أخمص قدمه ، وجرى سمها إلى رأسه حتى مات .

هذه صورة مصغرة لما كان يعانيه رسول الله صلى  الله عليه وسلم والمسلمون من قريش بعد إعلان الدعوة والجهر بها ، وقد اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوتين إزاء هذا الموقف المتأزم .


دار الأرقم :

الأولى : أنه جعل دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي مركز الدعوة والعبادة ومقر التربية ، لأنها كانت في أصل الصفا ، بعيدة عن أعين الطغاة ، فكان يجتمع فيها مع صحابته سراً ، فيتلو عليهم آيات الله ، ويزكيهم  ويعلمهم الكتاب والحكمة ، وبهذا التدبير وقى أصحابه كثيراً من الأحداث التي كان يخشى وقوعها لو اجتمع بهم جهراً  وعلانية ، أما هو صلى الله عليه وسلم فكان يعبد الله ويدعو إليه جهراً بين ظهراني المشركين ، لا يصرفه عن ذلك ظلم ، ولا عدوان ، ولا سخرية ، ولا استهزاء ، وكان ذلك من حكمة الله حتى تبلغ دعوته إلى من يؤمن ومن لا يؤمن ، فلا تكون للناس على الله حجة بعد البلاغ ، ولئلا يقول قائل يوم القيامة : ما جاءنا من بشير ولا نذير .  

ثابت

google-playkhamsatmostaqltradent